بسم الله الرحمن الرحيم
لم تكن قصة الشهيد القسامي علاء عياد من مخيم عايدة لتدفن وتطوى ويتناقلها الناس كأنها ذكرى حزينة عابرة...هنا في زمن البؤس والحرمان وزمن الذل والانكسار لا زالت بوارق الأمل تضيء ليالينا الحزينة تعيد إلينا البسمة والفرحة من جديد حيث ولد علاء الصغير في ليلة القدر وجاء من جديد يحمل اسمه على خده لتتجلى آيات الرحمن من جديد.
الطفل علاء في اللحظات التي كان ملايين البشر يتوجهون إلى الله بالدعاء في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، شق سكون الليل صوت جميل أعلن للعالم أنه قادم بمفاجأة جديدة وكرامة عظيمة... لقد ولد الطفل علاء ليعيد للأسرة فرحتها التي اختفت منذ استشهاد ابنها المحبوب قنديل الأسرة بتاريخ 25/3/2003م.
وعندما كان الشهيد القسامي علاء مطاردا حضر إلى منزل العائلة سرا حيث أخبره شقيقه إياد أن زوجته حامل فأوصاه أن يسمي ابنه القادم إن جاء ذَكَرا على اسمه (علاء) ثم اختفى الشهيد ولم يره أحد.
وبعد ذلك بمدة قصيرة استشهد علاء وترك حزنا كبيرا في العائلة وألما لا يطاق وذكريات مدفونة بين الآهات والدموع.
ويقول شقيقه عماد إن إياد رزق بطفل جميل ليلة القدر وقد لاحظت والدتي أن مساحة صغيرة مغطاة على خده الأيمن بلون بني داكن حيث اعتقدنا في البداية أنها ( وحمة) على شكل وردة ولكن والد الطفل إياد عندما أخذه إلى المستشفى في اليوم التالي شاهد اسم علاء مكتوب بخط عريض وواضح على خده الأيمن حيث بدت الثلاثة أحرف الأولى ظاهرة أمام الأذن والحرف الرابع (الهمزة) شوهد بوضوح خلف الأذن وعندما عاد إياد مع طفله الصغير إلى المنزل وأخبرنا بالمعجزة شعرنا بأن علاء الشهيد عاد إلينا من جديد وعمت الفرحة وغمرنا إحساس رطب قلوبنا وأعاد إلينا شعورا حقيقيا بأن علاء يعيش بيننا.
أما والدا الشهيد علاء فقد غمرتهما السعادة وبالرغم أنهم لن ينسياه أبدا؛ الإ أن ذكراه أصبحت مقرونة بالفرح والحبور بدل الحزن والدموع.وبعد انتشار الخبر أصبحنا يوميا نستقبل الزوار والمهنئين من داخل وخارج المخيم وكل من يشاهد هذه المعجزة يحمد الله ويشكره حتى إن العديد من الشبان تاركي الصلاة أقسموا أنهم سيلتزمون بالصلاة بعد مشاهدتهم لها .
الشهيد علاء
ولد الشهيد علاء محمد حسن عياد في مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين إلى الشمال الشرقي من مدينة بيت لحم الباسلة بتاريخ 22/12/1978 وتعود جذور العائلة إلى قرية رأس أبو عمار التي تقع بين مدينتي القدس والخليل وهي محاذية للحدود الغربية لمدينة بيت لحم حيث هجرت العائلة واستوطنت مدينة بيت لحم.
وقد عاش الشهيد حاله حال بقية أبناء الشعب الفلسطيني حالة التشرد عن بيته ووطنه وسكن منازل الطوب وألواح الزينكو التي لا تقي من حر الشمس ولا زمهرير الشتاء، وقد أمضى طفولته في أزقة المخيم الضيقة، وتلقى تعليمه في مدرسة الوكالة التابعة للمخيم حتى أكمل التوجيهي ثم التحق بالعمل مع شقيقه عماد حتى مطاردته.
متقن لعمله
ويقول شقيقه عماد بأن للشهيد 6أخوة وشقيقتين إلا أنه كان الأجمل خلقا وكان المتدين المؤدب لا نشاهده إلا وهو يتوضأ أو يصلي أو يلقي مواعظه، شغله حب المساجد وقراءة القرآن وحبه للقاء الله عن كل شيء.
ويضيف عماد لقد كان علاء (الشهيد) يعمل معي في محل لصنع الحلوى وكان بارعا في صنعها، وكان يتقنها بأشكالها المتعددة، وكان مخلصا دءوبا.
وكان يكتب أحيانا شعارات وأبيات من الشعر على جدران المحل فأنهره وأقول له ان لا يعيد كتابة هذه الأمور وعليك أن تمحوها فكان يرد علي بأدب سأفعل في المرة القادمة والله أني كنت أؤنبه وأغضبه ولكن لم يرفع صوته أمامي قط ولا يزيد عن قول سأفعل إن شاء الله.
رؤيا رحمانية
ويضيف عماد أن الشهيد رحل ولم يترك لنا سوى صورة لقبة الصخرة المشرفة كان قد اشتراها قبل مطاردته بأيام قليلة وأبيات من الشعر كان يكتبها على الجدران وهذه الأبيات هي :
رأيت الذنوبَ تميت القلوبَ وقد يورث الذلَّ إدمانُها
وتركُ الذنوب حياةُ القلوب وخيرٌ لنفسك عصيانها
وكان يكتب:
يا قارئ القرآن يا حافظ الذكر
أبشر بخير الجنان في ساعة الحشر
ويضيف عندما كان علاء يتأخر خارج المنزل كنت أؤنبه وأطلب منه أن لا يفعل ذلك مرة أخرى فكان يقول لي هل سمعت عني أخبارا سيئة فأقول لا فيقول أنا لا أفعل شيئا سيئا ومع ذلك يقول لن أتأخر في المرة القادمة.
تعرضه للتعذيب
يقول شقيقه عماد إن جنود الاحتلال اعتقلوا علاء بعد أن وصلت إليهم معلومات تشير إلى أنه على علم بمكان الشهيد القائد القسامي علي علان أحد قادة القسام في جنوب فلسطين المحتلة حيث كان هو أول شخص يعتقل في خليته التي كان منها الشهيد موفق بداونة ونادر جواريش وقد قامت سلطات الاحتلال بتعريضه للشبح والضرب المتواصل لمدة 13يوما متواصلة حيث فقد الذاكرة والمقدرة على النطق ولم يحصل رجال المخابرات منه على أية معلومات ثم أطلق سراحه وبعدها تماثل للشفاء، ولكنه ترك المنزل إلى غير رجعة وكان أحيانا يقول بأنه يعمل في أريحا ولا نعلم مكانه.
المطاردة
وبعد أن ترك المنزل ظل مطاردا لمدة خمسة شهور وقد حاولت سلطات الاحتلال اعتقاله ونصبت العديد من الكمائن له لكن دون جدوى وقد نسبت سلطات الاحتلال له الوقوف وراء عملية كريات يوفيل التي نفذها الاستشهادي القسامي نائل أبو هليل الذي كان يسكن بلدة الخضر واصله من قرية بيت عوا جنوب الخليل، وقد قتل في العملية 13صهيونيا كما نسبت له تشكيل خلايا مسلحة تابعة لكتائب القسام مع الشهيد علي علان ونادر الجواريش وموفق بداونة حيث كثفت سلطات الاحتلال من نشاطاتها لاعتقاله أو اغتياله.
استشهاده
بتاريخ 25/3/2003 كان الشهيد علاء يتواجد بالقرب من فندق الشبرد وسط مدينة بيت لحم وقد عرف رجال الاستخبارات مكانه بناءا على وشاية عملاء كانوا في نفس المنطقة حيث حضرت إلى المكان قوة صهيونية كبيرة طوقت المكان وكان ضمنهم عدد من رجال الشاباك حيث كانوا يتخفون في أزياء رهبان وقساوسة فدخلوا إلى المكان وأطلقوا النار على الشهيد مما أدى إلى استشهاده.
بيان القسام
(من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلو تبديلا)
بيان عسكري صادر عن
كتائب الشهيد عز الدين القسام
يا جماهير شعبنا الفلسطيني المجاهد..يا أمتنا العربية والإسلامية: في زمن تتداعى فيه الأمم على قضيتنا وشعبنا، يأبى أبناء القسام إلا أن يكونوا في مقدمة الصفوف مدافعين عن شرف الأمة وكرامتها، يجعلون أجسادهم تتطاير شظايا في وجه الغزاة المحتلين حتى لا يسجل التاريخ يوما أن شعبنا الفلسطيني قبل بالدنية أو ساوم على أرضه وكرامته، يتقدم شبابنا المجاهدون الذين يعدون العدة بما توفر عندهم من إمكانيات لإلحاق أشد الخسائر في العدو الصهيوني الغاصب عل الأمة تفيق من غفوتها وتصحوا من كبوتها ففي مساء يوم الثلاثاء الموافق 22 محرم 1424هـ 25 آذار 2003م، صعدت إلى بارئها أرواح الشهداء في مخيم عايدة الذين ارتقوا اثر عملية اغتيال جبانة ومدبرة على ثرى مدينة بيت لحم وهم:
الشهيد المهندس القسامي
علاء الدين محمد حسن عياد
الشهيد المهندس القسامي
نادر سلامة الجواريش
وشهيد حركة المقاومة الإسلامية حماس
القائد موفق عبد الرزاق البداونة
إن كتائب الشهيد عز الدين القسام، وهي تزف هذه الكوكبة العزيزة تشكوا إلى الله تقاعس المتقاعسين وتخاذل المتخاذلين، وتعاون الخونة والعملاء مع المحتل الغاصب أننا إذ نرفع شكوانا إلى الله ونؤكد أننا ماضون في طريق ذات الشوكة، جاعلين من غرف أطفالنا، ومن البقية الباقية من أكواخنا مصانع نحارب بها أعداء الله والأمة وحسبنا الله هو مولانا ونعم الوكيل.
حسبي الله ونعم الوكيل على المحتلين